من ذكريات مدرّسة (1)… بفضل الله ثمّ بفضلك صرتُ أستاذة

.إلى الذي علّمني كيف أمسكُ القلمَ وكيف أخطّ الكلمات بلا ندم.. أبي رحمك الله
أبي الذي اختار توجيهي إلى دراسة القانون، كنتُ حزينة لأنّ ميولي كانت أدبيّة. أحببتُ دراسة الفلسفة لكني لا أستطيع أن أقول: “لا” لوالدي حبّا واحتراما وإجلالا لوالدي. كنتُ أرى في عينيه لمعانا فيه عزّ وافتخار مع كلّ سنة أنجحها في الجامعة. كنت تلميذة متميّزة في دراستي وتخرّجتُ فكافأني والدي بسيّارة كهديّة ولكنّه لا يعلم أنّ أغلى هديّة عندي نظرات الفخر التي كنت أراها في عينيه
.إثر تخرّجي أصبحت أحلم أن أكون قاضية أو محامية ولم تكن مهنة التعليم في مخيّلتي
في تلك الصائفة استحقّ والدي من يدرّس معه قانون الطرقات فقد كان مدرّب سياقة. وقال لي: “لماذا لا تدرّسين معي فاستغربت طلبه لأّني طيلة فترة دراستي لم أكن التلميذة النشيطة التي تشارك في القسم وتتحدّث بجرأة أمام مجموعة
من التلاميذ، كنت أعمل في صمت؛ فكيف لي أن أدرّس الآن أشخاصا أكبر منّي سنّا… وبعد تشجيع والدي المتواصل وتحفيزاته، وافقتُ.. وكانت أوّل تجربة أخوضها في مجال التعليم وقضيّتُ فصل الصيف وأنا أدرّس مع والدي وذاع صيتي في حيّنا وأصبح الحرفاء يتزايدون على مدرسة والدي فضولا منهم في معرفة البنت التي تدرّس قانون الطرقات وازداد والدي بي فخرا.. وكنت شديدة السّعادة لسعادة والدي ثمّ واصلت دراستي ودرست ماجستير علوم الإجرام وكنت كلّما عدت من الجامعة درّست قانون الطرقات مع والدي حتّى يومي السبت والأحد وبمرور السنين التي قضّيتها على تلك الحال. اكتشفت أنّني اكتسبتُ ملكة إيصال المعلومة والحمد لله
.والدي جعلك الله سببا في زرع أصفى ما في نفسي وهذّبتني فأحسنت تهذيبي وأدبي
…(يُتبع)

بقلم الأستاذة رفقة السعيدي

مقال من مجلة أكادمية لقمان الخاصة الإصدار الثامن

Add your thoughts

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

0 Shares
Share
Tweet
Pin