التربية المرحة
ينبغي ألّا نترك الاستمتاع والمرح مع أطفالنا منحصرا في أوقات المناسبات أو إجازات آخر الأسبوع فحسب، بل إنّ قضاء وقت مرح مع أبنائنا يجب أن يتصدّر قائمة الأولويات في أعمالنا اليومية لأنه يمثل حاجة أساسية للنمو السليم للطفل.
تستجيب التربية المرحة -أو التربية باللعب- لهذه الحاجة، فهي -إضافة إلى كونها تجسد أساس الأبوة الإيجابية: التعاطف وال تعاون بدلا من القسوة وفرض السلطة الأبوية – تستخدم اللعب كأداة للتواصل.
ما هي التربية المرحة؟
التربية المرحة تساعد المربي للانضمام إلى عالم الطفل الخاص به؛ وهو عالم اللعب، هذا الأسلوب التربوي يركز كثيرا على التواصل والضحك والاستمتاع.
عندما نفهم أن اللعب هو الطريقة التي يفكر بها الطفل ويتواصل بها مع الآخرين يصبح من الواضح أن التربية المرحة هي أداة حقيقية لإدارة سلوك الطفل ومساعدته على النمو بشكل سليم.
يمكن استخدام اللعب كأداة لإدارة الغضب، العدوانية، قلة التواصل، القلق، التنافس بين الأشقاء، العصيان، التمرد …
كذلك فإن التواصل بالمرح يعتبر ناجعا لمساعدة الطفل في المواظبة على الأعمال الروتينية اليومية مثل: ارتداء الملابس، تنظيف الأسنان، تصفيف الشعر، الغداء…
الهدف الأساسي من اللعب هو الضحك لأنه يقلل من التوتر وبالتالي يعزز تعاون الطفل مع والديه وطاعتهما.
فمهما كانت المشكلة التي تواجهها مع ابنك ،عليك محاولة اللعب معه حتى نسهل التواصل الإيجابي، وذلك بدلاً من مجرد إصدار الأوامر والصراخ لحثهم على الطاعة.
على سبيل المثال ، عندما تريد من طفلك أن يرتب غرفته ، تقنص دور رجل الشرطة وأطلب منه بكل مرح أن يقف منتبهاً وأن يتبع أوامرك!
لا تتردد في التنكر بارتداء قبعة مناسبة أو استعمال صافرة وتقليد إيماءاته وحركاته ، فكلما زاد المزاح والضحك كلما كانت استجابة الطفل لأوامرك مضمونة.
مثال آخر لإلهامك: إذا رفض طفلك ارتداء ملابسه -الأمرُ الذي جربناهُ جميعا- فقل له بطريقة مرحة: “أيها المغامر الصغير ! دعني أساعدك، أنا ماهر في مساعدة الناس لارتداء ملابسهم!”، ثم ضع الملابس في غير مواضعها (القميص على الرأس والجوارب في الأيدي …) ستندهش من مدى تعاون أطفالك بعد بضع ضحكات.
حاول التفاعل بطريقة مرحة قدر الإمكان مع الأطفال : قم باستجلاب الأناشيد المضحكة، لا تتردد في المبالغة في تقليد بعض الحيوانات أو الشخصيات، خض معارك الوسائد واستخدم الأصوات السخيفة لفرض القواعد مثلا.
باختصار، عندما تلعب مع طفلك فإنّ جسده ينتج مادة “الدوبامين” التي تمنحه الشعور بالسعادة والرفاهية، وبالإضافة إلى ذلك فإنها تحفزه أيضًا إعادة النشاط المرتبط بهذه التجربة الممتعة.
ماذا يجلب لنا التعليم المرح
التعليم المرح له فوائد تنموية وعاطفية لا حصر لها:.
فبالإضافة إلى نشر روح الدعابة في منازلنا ، فإن التربية باللعب تساعدنا على تكوين ذكريات لا تُنسى؛
نحن اليوم نصنع ذكريات الغد، ولحظات المرح والضحك العفوية هي اللحظات التي تبقى راسخة في ذاكرة أبنائنا و تمثل مصدر الحب والأمان لهم.
كذلك فإنه عندما يتخلى المربي عن دوره المعتاد -أعني دور المشرف والمراقب- وينضم إلى عالم اللعب مع ابنه فإنه يقترب منه أكثر، ويصبح التواصل بين الوالد والولد، وهذا ممّا يوفّر للمربي فرصًا عديدةً لغرس القيم الحميدة مثل الصدق والأمانة.
من ناحية أخرى فإن التعليم من خلال اللعب يساعدنا على تطوير المهارات الاجتماعية لأطفالنا؛ مثل اكتساب مهارة حل المشاكل، تجزءة المهام بين أفراد الفريق الواحد، احترام القواعد والاتفاقيات، مشاركة الألعاب والأغراض ..
ثمّ إنّ التربية المرحة تسهل وتحسن التعلم المدرسي؛ فشرْحُ الدرس أو المسألة من خلال اللعب يمثل وسيلةً ممتازة لجذب انتباه الطفل ومساعدته على حفظ المعلومات.
كلمة الختام
قد يكون من الصعب تغيير طريقة تعاملك مع طفلك، ولكن عندما تحاول بذل الجهد في التعامل مع المشاكل بتعاطف ومرح فإن النتائج سوف تكون مذهلة من أول تجربة!
ولكي تنجح في هذا التغيير عليك أن تقتنع بعدم جدوى الألفاض القاسية والتهديد مع الأطفال، بل تلك المعاملات من شأنها أن تخلّف المقاومة والعناد، لذالك ندعو لقراءة المزيد عن التربية الإيجابية و التربية المرحة في الروابط الموجودة أسفل الصفحة.
لمزيد من المعلومات ، إليك بعض المقالات المهمة:
كيف نتفادى نوبات الغضب والبكاء
وإليك بعض الأفكار للأنشطة لقضاء وقت ممتع مع أطفالك: